Description
أولاً: اسمه ونسبته وكنيته:
نافع بن عبدالرحمن بن أبي نُعَيْم، كنيته أبو رُويم أو أبو عبدالله، المقرئ المدني أحد القراء السبعة، أصله من أصبهان (مدينة تقع في إيران حاليا)، ولد في حدود 70 هـ في خلافة عبد الملك بن مروان، إلاَّ أنَّه اشتُهر في المدينة المنورة.
ثانياً: صفاته:
كان أسود حالكاً، صبيح الوجه، طيب الأخلاق، فيه دعابة، تُشم منه رائحة المسك إذا تكلَّم، فقيل له: يا أبا عبدالله أو يا أبا رُويم: أتتطيَّب كلما قعدتَ تُقْرئ؟ قال: ما أمسُّ طيبًا، ولكني رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ في فيِّ (أي في فمه) فمن ذلك الوقت أَشَمُّ من فـِيِّ هذه الرائحةَ.
وهذا ما أشار إليه الشاطبيُّ في منظومته، فقال:
فأمَّا الكريمُ السرِّ في الطِّيب نافعٌ فَذَاكَ الذي اختارَ المدينةَ منزلا
وقيل لنافع: ما أصبحَ وجهَكَ، وأحسنَ خلقَكَ؟! قال: فكيف لا أكون كذلك وقد صافحني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وعليه قرأتُ القرآن، يعني: في النوم.
وقال قالون كان نافع من أطهر الناس خلقاً ومن أحسن الناس قراءة وكان زاهداً جواداً صلى في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ستين سنة…
ثالثاً: مكانته وعلمه:
أحد الأعلام، وأحد القرَّاء السبعة المشهورين، اشتهر في المدينة، وانتهت إليه رياسة القراءة فيها، وأقرأ النَّاس نيفًا وسبعين سَنَةً.
قال مالك بن أنس رضي الله عنه: نافع إمام النَّاس في القراءة.
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سألت أبي: أيّ القراءة أحبّ إليك، قال: قراءة أهل المدينة – أي قراءة الإمام نافع – قلت فإن لم يكن، قال : قراءة الإمام عاصم الكوفي.
رابعاً: شيوخه في القراءة:
قرأ نافع على طائفة من تابعي أهل المدينة، ورُوي أنه قرأ على سبعين تابعياً.
فقرأ على عبدالرحمن بن هرمز الأعرج، وأبي جعفر يزيد بن القعقاع، وشيبة بن نِصَاح، وأبو روح يزيد بن رومان، أخذ هؤلاء القراءة عن سيدنا أبي هريرة و عبدالله بن عباس و عبدالله بن عياش بن أبي ربيعة.
خامساً: رواة القراءة عنه:
أقرأ نافع النَّاسَ دهرًا طويلًا، فقرأ عليه من القدماء: الإمام مالك بن أنس، والليث بن سعد، وأبو عمرو بن العلاء البصري، وعيسى بن وَرْدَان، وسليمان بن مسلم بن جماز.
وأشهر من روى عنه: عيسى بن مينا الملقب بقالون وعثمان بن سعيد الملقب بورش.
سادساً: منهج الإمام نافع المدني في القراءة:
يقول الشيخ عبد الفتاح القاضي أحد أعلام علم القراءات المعاصرين:
قراءة نافع متواترة، وليس أدَلُ على تواترها من أنه تلقاها عن سبعين من التابعين، وهي متواترة في جميع الطبقات.
فقراءة نافع رواها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير من الصحابة، ورواها عن الصحابة كثير من التابعين، ثم روتها أممٌ إلى أن وصلت إلينا، وهذا التقرير يقال في جميع قراءات الأئمة العشرة..
سابعاً: تحولات الانتشار والاندثار:
الخريطة الحالية لانتشار القراءات في العالم الإسلامي مرت بتحولات كبيرة منذ تبلور هذا العلم في القرنين الثاني والثالث الهجريين، فقبل الإمام أحمد بن مجاهد الذي ألف كتابه الشهير “السبعة” عام 300 هجرية، كان أهل المدينة على قراءة الإمام نافع بن عبد الرحمن المدني حتى القرن الخامس الهجري، وفي مصر كانت السيادة لرواية ورش عن نافع حتى القرن الخامس الهجري، ساهم في ذلك كون ورش مصريا.. وقد رحل إلى نافع فقرأ عليه أربع ختمات ثم رجع إلى مصر وأخذ ينشر قراءة نافع.
أما سبب انتشار قراءة نافع في المغرب العربي وهي أنها قراءة إمامهم مالك بن أنس رحمه الله، فكما أخذ المغاربة بفقه أهل المدينة أخذوا أيضا بقراءتهم.
أماكن انتشار القراءة اليوم:
رواية ورش المصري عن نافع المدني: وهي الرواية المنتشرة في بلاد المغرب العربي (الجزائر والمغرب وموريتانيا)، وفي غرب إفريقيا (السنغال والنيجر ومالي ونيجيريا وغيرها).
وهي الرواية التي كان لَها الانتشار في القرون الأولى في مصر، ومنها انتشرت إلى تلك البلدان.
رواية قالون عن نافع: شائعة في ليبيا (القراءة الرسمية) وفي أكثر تونس.
ثامناً: وفاته:
توفي نافع بن أبي نعيم في المدينة المنوَّرَة سنة (169هـ)، ولما حضرته الوفاةُ قال له أبناؤه: أوصنا، قال: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه عن المسلمين خير الجزاء.